رحلت َيا صديقي طارق هكذا فجأة ودون أي مقدمات. أتاك َالقدر فمضيت معه بابتسامتك وسكونك المعهودين. هكذا هو الموت، يخطف الأحبّة على غفلة ٍمنا، يختار أفضلهم وأجملهم على الاطلاق، وهكذا أنت، الأجمل والأرقّ والأفضل.
تدخل الى المكتب كل صباح، سماعتك في أذنك، تُصبِّح علينا بهدوء وعندما نرد مرحبين، تشير لنا بأنك في اجتماع على الهاتف. مبتسماً بشكل ٍدائم، حتى لو كنت منزعجاً، بمزحة بسيطة تعود ابتسامتك الى وجهك الطفولي الجميل وكأن شيئاً لم يكن. يا الله يا طارق كم سأفتقدك انت وابتسامتك ووجهك الحبيب.
لطالما سألتك، من أين تأتي بكل تلك الطاقة، من بعد إحباطات وتحديات متراكمة. من أين تأتي بكل تلك الابتسامات من بعد أيام طويلة من التعب. من أين تأتي بكل تلك الأفكار بعد كل ما مررنا به، كان يبتسم ويرد علي باللهجة المصرية "أُمّال، انت فاكر ايه"
تناديني بنغمة مصرية جميلة وانت تمر بجانب مكتبي: " يا أساااااامة" ابتسم لك وارد عليك بنفس النغمة " يا طاااااارق" تبتسم وتختفي الى اجتماعاتك الطويلة.
كنا نتحدث يومياً بخصوص العمل والمستقبل وما هو متوقع أن يكون. أحيانا كثيرة كنا نقف امام المبنى ندخن السجائر ونتبادل النكات وأنت تبتسم بخجل. كنت دائماً تعود لتتحدث عن العمل، لطالما عشقت عملك وأردت أن تكون الأفضل، وقد كنت كذلك.
في النهار الذي رحلت فيه، كنا ندخّن ونشرب القهوة امام المبنى وحدثتني عن جامعة ابنك يوسف وعمل مروان الجديد، وحدثتك عن أبنائي و عن طموحاتهم، كنا تعبين، ولكنك كنت كعادتك مبتسم ومتفائل، بعثت فيّ القوة بقولك: "سنة صعبة وحتعدي، كلهم كم شهر"، أنهينا القهوة وقلنا لبعض " غداً نلتقي". لم تفِ بوعدك يا صديقي وكان لقائنا ذات المساء على غير ما اتفقنا.
مازلت أراك تدخل المكتب مسرعاً في الصباح ووجهك الجميل تعلوه ابتسامة، وانت تناديني بصوتك : صباحو يا أسااااامة. ابتسم لك واتابع عملي وكأن شيئاً لم يكن.
ارقد بسلام يا صديقي الحبيب، سنذكرك دائماً بكل الحب، سنذكر تفانيك واستقامتك وصراحتك وحبك الذي لم تبخل به على كل من هم حولك.
طارق القاضي، ذِكْراكَ الدَائِمة نَبعٌ لَا يَجِفْ
أسامة شعبان